الدخول المدرسي …مناسبة تجديد العهد مع العلم
جابر إبراهيم (بتصرف) – jaberibrahim.blogspot.com
بسم الله،
نحن في الأيام الأولى لموسم دراسي جديد، و كل جديد هو فرصة من الله تعالى لتصحيح السير و شحذ الهمم…
خلال أيامنا هذه، حيث أخذت المدرسة في جوانب معينة حجما مبالغا فيه (كثرة الكتب في بعض المدارس، التقليل من حصص التربية على القيم و الأخلاق، …)، فلابد أن تكون بداية الموسم فرصة لترتيب المقاصد و الجهود.
المقال موجه لنا الآباء أولا، أن ندرك أن المدرسة تستهلك وقتا كبيرا و مهما في حياة الطفل و بالتالي في بناءه و تكوينه. كما أن المدرسة منظومة لتعلم الأطفال بمعناه الواسع (معلومات، مهارات، خبرات،…). و منه فإننا نحتاج، بالإضافة لمجموعة من النصائح الإجرائية (النوم، التغذية، ترتيب الأغراض، قواعد السير،…) التي نجد خبراء كتبوا مقالات قيمة عنها، الاهتمام أيضا بجانب التمثلات و التصورات و المحرك الداخلي النفسي للطفل.
بخصوص هذا هناك إشارات خمسة وجب الاهتمام بها :
1. الغاية من تعلمك :
التعلم نعمة و عطاء رباني، فهو قدرات و مهارات تتظافر للخروج من ظلمات الجهل إلى نور العلم، و هناك أطفال حرموا من المدرسة بسبب حرب أو فاقة. لماذا يا بني نذهب للمدرسة للتعلم؟ و متى ينتهي التعلم؟ و أي علم أولى بالتعلم ؟… التعلم و العلم هو ذلك المسار الذي رسمه الخالق لنا لنزيح الجهل فنزكوا (كنت لا تعرف الكلام فها أنت الآن تُبين، كنت لا تتقن الحركة فها أنت تجري و تقفز، كنت لا تكتب و لا تقرأ و ها أنت تقرأ كل ما تقع عليه عينك…). إننا نزكوا بالعلم في كل أمورنا، في العلم بالخالق و سننه في الخلق و تدبير ما سخر لنا سبحانه… إننا بالعلم نكون أكثر نفعا لأنفسنا و محيطنا.
2. التحفيز و التشجيع :
تذكير الطفل أن ذهابه إلى المدرسة هو سير في سبيل يحبها الله كثيرا، و ما أجمل الحديث الذي رواه أبو الدرداء قال رسول الله صلى الله عليه و سلم “من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر”. اجلس مع ابنك و تدارس معه هذا الحديث، معنى الكلمات، ماذا نفهم من كل جملة، ماذا نستفيد من هذا التوجيه النبوي الخالد من خلال أسئلة تخاطب العقل و الوجدان (كيف ينظر الله للأطفال و هم يسارعون إلى المدرسة؟ هل العلم هو معلومات أم هو عمل أيضا؟ ماذا لو رُفع العلم؟…)
3. الاهتمام و النقاش :
أي الاهتمام بالمواضيع و الظواهر التي يعايشها الطفل في المدرسة. النصوص التي يدرسها و المعلومات التي يتلقاها (قراءة نص و مناقشة آراء الكاتب، أين يمكن الاستفادة من ظاهرة علمية أو قاعدة رياضية،…). مناقشة المواضيع و الظواهر التي يعيشها بالمدرسة من قبيل قواعد المدرسة، الأمر المميز عند زملائه، ما هو الأمر الذي تريد أن تصلح في المدرسة لتكون أفضل؟…
4. القدوة :
استعمل قصصا أو حكما تشحذ بها طموح ابنك حتى لا يعتقد أنه يسير وحيدا في هذه السبيل خصوصا مع طغيان التفاهة أو يظن أن الأمر على التراخي. قصص و نماذج من القرآن من الصالحين و حتى ممن يخالطهم من أصدقاء أو أقارب العائلة (كيف أن فلان كان يحرص على التعلم و بذل الجهد و الصبر على أسباب المدرسة). يمكن الاستعانة بحكم و أقوال كأبيات الإمام الشافعي مثلا :
أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ … سأنبيك عن تفصيلها ببيانِ
ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبُلغةٌ… وصحبةُ أستاذٍ وطولُ زمانِ
5. الأولويات :
في المدرسة، و كما باقي الأمور، هناك أشياء مهمة و أخرى أقل أهمية. و بالتالي يحسن بالآباء ادخار الجهد و الوقت للأمور المهمة. أما أمور من قبيل الرعاية (الملبس و المطعم و المسكن) أو المنافسة في النقطة و العلامات و غير ذلك فهي لا يجب أن تطغى على الاجتماعات الأسرية و النقاشات و الجهد. فتقع في الإرهاق ويأتي غيرك و يسرق ابنك من خلال بناء تصوراته و اهتماماته و الأخطر أن يفسد آخرته…
هذه نقاط خمسة لا تستوفي كل هذا الأمر لكن تعين بإذن الله. و نجعل لب كل هذا الدعاء فهو من أنجع الوسائل.
و السلام.
إرسال التعليق